responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 393
قُلْنَا: هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ المنكر إنما يجب عَلَى الْكِفَايَةِ. فَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ تَعَالَى أَخَذَهُمْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْعَذَابَ غَيْرُ الْمَسْخِ الْمُتَأَخِّرِ ذِكْرُهُ. وَقَوْلُهُ: بِعَذابٍ بَئِيسٍ أَيْ شَدِيدٍ وَفِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ قِرَاءَاتٌ: أَحَدُهَا: بَئِيسٍ بِوَزْنِ فَعِيلٍ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ:
أَنْ يَكُونَ فَعِيلًا مِنْ بَؤُسَ يَبْؤُسُ بَأْسًا إِذَا اشْتَدَّ. وَالْآخَرُ: مَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وَهُوَ أَنَّهُ مِنَ الْبُؤْسِ وَهُوَ الْفَقْرُ يُقَالُ بَئِسَ الرَّجُلُ يَبْأَسُ بُؤْسًا وَبَأْسًا وَبَئِيسًا إِذَا افْتَقَرَ فَهُوَ بَائِسٌ، أَيْ فَقِيرٌ. فَقَوْلُهُ: بِعَذابٍ بَئِيسٍ أَيْ ذِي بُؤْسٍ. وَالْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ (بَئِسٍ) بِوَزْنِ حَذِرٍ. وَالثَّالِثَةُ: (بَيِسٍ) عَلَى قَلْبِ الْهَمْزَةِ يَاءً، كَالذِّيبِ فِي ذِئْبٍ، وَالرَّابِعَةُ: (بَيْئَسٍ) عَلَى فَيْعَلٍ.
وَالْخَامِسَةُ: (بَيِّسٍ) كَوَزْنِ/ رَيِّسٍ عَلَى قَلْبِ هَمْزَةِ بَئِيسٍ يَاءً وَإِدْغَامِ الْيَاءِ فِيهَا. وَالسَّادِسَةُ: (بَيْسٍ) عَلَى تَخْفِيفِ بَيِّسٍ كَهَيْنٍ فِي هين، وهذه القراآت نَقَلَهَا صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» . ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُمْ مع نزول هذا العذاب بهم تمردوا.
فقال عز من قائل:

[سورة الأعراف (7) : آية 166]
فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (166)
وَفِيهِ مَبَاحِثُ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: الْعُتُوُّ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِبَاءِ وَالْعِصْيَانِ، وَإِذَا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ فَقَدْ أَطَاعُوا، لِأَنَّهُمْ أَبَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ إِضْمَارٍ، وَالتَّقْدِيرُ: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ تَرْكِ مَا نُهُوا عَنْهُ، ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ، وَإِذَا أَبَوْا تَرْكَ الْمَنْهِيِّ كَانَ ذَلِكَ ارْتِكَابًا لِلْمَنْهِيِّ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً لَيْسَ مِنَ الْمَقَالِ، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ: أَنَّهُ تَعَالَى فَعَلَ ذَلِكَ. قَالَ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلِهِ: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النَّحْلِ:
40] هُوَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ لَا الْكَلَامِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أُمِرُوا بِأَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ بِقَوْلٍ سُمِعَ فَيَكُونُ أَبْلَغَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ حَمْلَ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ، لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْفِعْلِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ، وَالْقَوْمُ مَا كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ يَقْلِبُوا أَنْفُسَهُمْ قِرَدَةً.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَصْبَحَ الْقَوْمُ وَهُمْ قِرَدَةٌ صَاغِرُونَ، فَمَكَثُوا كَذَلِكَ ثَلَاثًا فَرَآهُمُ النَّاسُ ثُمَّ هَلَكُوا. وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: أَنَّ شَبَابَ الْقَوْمِ صَارُوا قِرَدَةً، وَالشُّيُوخَ خَنَازِيرَ، وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الَّذِينَ مُسِخُوا هَلْ بَقُوا قِرَدَةً؟ وَهَلْ هَذِهِ الْقِرَدَةُ مِنْ نَسْلِهِمْ أَوْ هَلَكُوا، وَانْقَطَعَ نَسْلُهُمْ، وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَيْهِ، وَالْكَلَامُ فِي الْمَسْخِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْمُبَاحَثَاتِ قَدْ سَبَقَ بِالِاسْتِقْصَاءِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. واللَّه أعلم.

[سورة الأعراف (7) : آية 167]
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)
اعْلَمْ أَنَّهُ تعالى لما شرح هاهنا بَعْضَ مَصَالِحِ أَعْمَالِ الْيَهُودِ وَقَبَائِحِ أَفْعَالِهِمْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالذُّلِّ وَالصَّغَارِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: أذن أعلم. وأذن نادى وصاح لإعلام وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ [الْأَعْرَافِ: 44] وَقَوْلُهُ: تَأَذَّنَ بِمَعْنَى أَذَّنَ أَيْ أَعْلَمَ. وَلَفْظَةُ تفعل، هاهنا ليس

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست